المرأة في الشعر الأفريقي
صفحة 1 من اصل 1
المرأة في الشعر الأفريقي
المرأة في الشعر الأفريقي
محمود الطهطاوي
( نشرت هذه الدراسة على صفحات " المجلة العربية " السعودية العدد (152)
المرأة في الأدب ، سواء الأدب العربي أو المترجم ، موضوع قتل بحثاً ودراسة ،ولكن المرأة في الشعر الأفريقي ، أو شعر الزنزج الأفارقة ، موضوع وأن طرق من قبل ، ولكن لم يفه النقاد حقه .
فالشعر الأفريقي نهر دافقٌ ، وبركان متفجر ، وله سمات مميزة ، ونكهة خاصة ، فهو الشعر النابع من الغضب والقهر والأمل وحلم الخلاص .
والشاعر الأفريقي يعطينا صورة للمرأة ، نابعة من كيانه وجرحه الغائر ، فهو الإنسان الذي عانى من القهر والعبودية في ظل الاستعمار .. ومازال يعاني من الاُثار المتبقية التي تركها الاستعمار خلفه .
فكيف صور الشعراء الزنوج المرأة ؟.
هذا ما نحاول طرحه هنا في محاولتنا المتواضعة .
ولتكن بدايتنا بشاعر من موزامبيق وهو الشاعر : " سلينودوس سانتوس " وشهرته "كالونجو " .. هذا الشاعر لعب دوراً كبيراً في حياة بلاده السياسية ، حيث أنتخب عام 1962م سكرتيراً عاماً لجبهة تحرير موزمبيق ، المعروفة باسم "مزيليمو " .
يقول كالوجو عن المرأة الأم :
الأ م السوداء ..
تضع طفلها في المهد .
وتنسى ..
أن حبات الذرة تموت في الأرض .
وأن كرار الخزين قد فرغ بالأمس .
وتحلم ..
تحلم بعوالم جميلة .
يذهب فيها ابنها إلى المدرسة .
المدرسة التي يتعلم فيها الرجال .
عوالم جديدة .
يستطيع ابنها أن يعيش فيها .
كالونجو في هذه القصيدة السابقة يعطينا صورة عن المرأة الأم ، المشتعلة بالأمل ، فبرغم ما تعاني منه بلادها ، من جفاف وفقر مقدع واستغلال تام من قبل الاستعمار .. إلا أن الأم قوية ، صابرة .. مليئة بالأمل والتفاؤل .
لنترك كالونجو وامرأه المشحونة بالأمل ، ونذهب إلى الروائي "واليو نجوجي " ، وهو أديب صدرت له ثلاث من الروايات بين عامي 1962- 1969م ، وهي " لاتبك ياطفلي " و " النهر الفاصل " و" حبة من القمح " ، بالإضافة إلى المسرحية الشعرية " الراهب الأسود " ، وفي هذه المسرحية يصور لنا المرأة الزوجة ، التي تعاني من فقد الزوج ، الذي حصل على قدر من التعليم والثقافة ، فهجر قبيلته التي تعيش في دياجير الجهل ، ليعيش الحياة الحضرية في المدينة ، يقول الروائي الشاعر على لسان الزوجة :
نعم ..
إنني لا أستطيع أن أعيش بدون رجل
رجل يسألني عن طعام العشاء .
رجل يسألني أن أغسل ملابسه .
وطفل من جسدي .
طفل ينادي .. يا أمي .
هذه امرأة مثل أي امرأة تطالب بحقوقها ، تريد أن تمارس حياتها الطبيعية التي خلقها الله من أجلها .
ويقتنع الزوج بالعودة إلى زوجته وقبيلته وهو يقول : " يجب أن نعود إلى أرضنا ، ونساعد أنفسنا ، ونبني مدارسنا ، نطرح قلوبنا وعقولنا لننشئ أمة . وعندئذ سوف تختفي روابط القبلية والعنصرية " .
فلنترك الزوج العائد إلى أمانيه وأحلامه .
ونلوج إلى الطبيب الشاعر " أوجستينو نتو " ورغم دراسته للطب ، إلا أنه مارس العمل السياسي لفترة طويلة ، واعتقل أكثر من مرة ، وفي نهاية المطاف عاد إلى قريته ليمارس مهنته الإنسانية يقول الطبيب الشاعر في قصيدته " الأم " :
أماه .. علميني .
ككل أم سوداء يرحل ابنها .
كيف أنتظر ، وآمل ..
كما تعلمت أنت في أيامك المريرة.
لكل الحياة ..
قتلت ذلك الأمل المشرق في صدري .
فلست أنا الذي ينتظر ..
بل أنا .. الذي ينتظر ..
ونحن ألمل ,,
نحن أطفالك ..
نسير نحو أمنية تستطيع أن تغذي
الحياة عند أبنائك الباحثين عن الحياة
الشعر الأفريقي متفجر بالأمل والتفاؤل .
فهاهو الطبيب الشاعر ، يصور لنا المرأة الأفريقية الصابرة ، التي تعطي لأبنائها درساً في الأمل ، والتفاؤل وكأنها تهمس برقة :" لاتقلقوا ..مهما طال الإنتظار ، فهناك امل في الخلاص " .
فلنترك الطبيب الشاعر ، ولنعرج قليلاً ، ونتوقف عند أول أفريقي من غرب القارة يتلقى تعليماً فرنسياً أكاديميا وهو الشاعر السنغالي :" ليوبولد سيدار سنجور " يقول سنجور :
أفرحي يا أماه ؟
فلن أبعث الريح الشرقية فوق هذه الصور
كما أبعثها فوق رمال الطرق
إنك لا تسمعيني حين أسمعك
مثل أم مشغولة البال تنسى أن تضغط
على زر البداية
لكني لن أمو آثار قدمي أبي .
رغم انشغال الأم عن ابنها ، ولكنه يبشرها بأنه على اطريق ابيه يسير وسيكمل مسيرة النضال .
وفي قصيدة أخرى لسنجور بعنوان " ليل السنين " كتبها بالفرنسية ، يناجي فيها امرأة ويصف لنا برومانسية المكان المحيط به ثم يعرج فجأة إلى وطنه وزنوجته فيطالب هذه المرأة أن تصغي إلى نبض دمه الأسود المتدفق إلى نبض أفريقيا الغائر ، إنه عاشق لوطنه المتغلغل في دمائه .. ومندمجا في صفائحه الدموية .
يقول سنجور :
أيتها المرأة ، ضعي يديك الباسمتين على جبيني .
يديك اللتين تتفوقان في النعومة على الفراء .
إن أشجار النخيل الشامخات تتمايل مع
نسيم الليل
يكاد حفيف سعفها لا يسمع
لا ، ولا ترنيمة الرضيع تسمع .
ونحن يهدهدنا الصمت المموسق .
أصغي إلى تغريدة ، أصغي إلى نبض دمنا القاتم .
أصغي .
إلى نبض أفريقيا الغائر في ضباب القرى
الضائعة .
ونختم رحلتنا بشاعر السودان " محمد المهدي مجذوب " الذي عشق امرأة زنجية ، ويصور لنا ما يراه في حياة هذه المرأة فيقول :
وبدت ستائر بيتها
وضاءة بين الظلال
ورجعت أفزع للكرى
كي أستريح إلى مراح
ونهضت أسمعه الملامة
وهو مشتعل الجراح
محمود الطهطاوي
( نشرت هذه الدراسة على صفحات " المجلة العربية " السعودية العدد (152)
المرأة في الأدب ، سواء الأدب العربي أو المترجم ، موضوع قتل بحثاً ودراسة ،ولكن المرأة في الشعر الأفريقي ، أو شعر الزنزج الأفارقة ، موضوع وأن طرق من قبل ، ولكن لم يفه النقاد حقه .
فالشعر الأفريقي نهر دافقٌ ، وبركان متفجر ، وله سمات مميزة ، ونكهة خاصة ، فهو الشعر النابع من الغضب والقهر والأمل وحلم الخلاص .
والشاعر الأفريقي يعطينا صورة للمرأة ، نابعة من كيانه وجرحه الغائر ، فهو الإنسان الذي عانى من القهر والعبودية في ظل الاستعمار .. ومازال يعاني من الاُثار المتبقية التي تركها الاستعمار خلفه .
فكيف صور الشعراء الزنوج المرأة ؟.
هذا ما نحاول طرحه هنا في محاولتنا المتواضعة .
ولتكن بدايتنا بشاعر من موزامبيق وهو الشاعر : " سلينودوس سانتوس " وشهرته "كالونجو " .. هذا الشاعر لعب دوراً كبيراً في حياة بلاده السياسية ، حيث أنتخب عام 1962م سكرتيراً عاماً لجبهة تحرير موزمبيق ، المعروفة باسم "مزيليمو " .
يقول كالوجو عن المرأة الأم :
الأ م السوداء ..
تضع طفلها في المهد .
وتنسى ..
أن حبات الذرة تموت في الأرض .
وأن كرار الخزين قد فرغ بالأمس .
وتحلم ..
تحلم بعوالم جميلة .
يذهب فيها ابنها إلى المدرسة .
المدرسة التي يتعلم فيها الرجال .
عوالم جديدة .
يستطيع ابنها أن يعيش فيها .
كالونجو في هذه القصيدة السابقة يعطينا صورة عن المرأة الأم ، المشتعلة بالأمل ، فبرغم ما تعاني منه بلادها ، من جفاف وفقر مقدع واستغلال تام من قبل الاستعمار .. إلا أن الأم قوية ، صابرة .. مليئة بالأمل والتفاؤل .
لنترك كالونجو وامرأه المشحونة بالأمل ، ونذهب إلى الروائي "واليو نجوجي " ، وهو أديب صدرت له ثلاث من الروايات بين عامي 1962- 1969م ، وهي " لاتبك ياطفلي " و " النهر الفاصل " و" حبة من القمح " ، بالإضافة إلى المسرحية الشعرية " الراهب الأسود " ، وفي هذه المسرحية يصور لنا المرأة الزوجة ، التي تعاني من فقد الزوج ، الذي حصل على قدر من التعليم والثقافة ، فهجر قبيلته التي تعيش في دياجير الجهل ، ليعيش الحياة الحضرية في المدينة ، يقول الروائي الشاعر على لسان الزوجة :
نعم ..
إنني لا أستطيع أن أعيش بدون رجل
رجل يسألني عن طعام العشاء .
رجل يسألني أن أغسل ملابسه .
وطفل من جسدي .
طفل ينادي .. يا أمي .
هذه امرأة مثل أي امرأة تطالب بحقوقها ، تريد أن تمارس حياتها الطبيعية التي خلقها الله من أجلها .
ويقتنع الزوج بالعودة إلى زوجته وقبيلته وهو يقول : " يجب أن نعود إلى أرضنا ، ونساعد أنفسنا ، ونبني مدارسنا ، نطرح قلوبنا وعقولنا لننشئ أمة . وعندئذ سوف تختفي روابط القبلية والعنصرية " .
فلنترك الزوج العائد إلى أمانيه وأحلامه .
ونلوج إلى الطبيب الشاعر " أوجستينو نتو " ورغم دراسته للطب ، إلا أنه مارس العمل السياسي لفترة طويلة ، واعتقل أكثر من مرة ، وفي نهاية المطاف عاد إلى قريته ليمارس مهنته الإنسانية يقول الطبيب الشاعر في قصيدته " الأم " :
أماه .. علميني .
ككل أم سوداء يرحل ابنها .
كيف أنتظر ، وآمل ..
كما تعلمت أنت في أيامك المريرة.
لكل الحياة ..
قتلت ذلك الأمل المشرق في صدري .
فلست أنا الذي ينتظر ..
بل أنا .. الذي ينتظر ..
ونحن ألمل ,,
نحن أطفالك ..
نسير نحو أمنية تستطيع أن تغذي
الحياة عند أبنائك الباحثين عن الحياة
الشعر الأفريقي متفجر بالأمل والتفاؤل .
فهاهو الطبيب الشاعر ، يصور لنا المرأة الأفريقية الصابرة ، التي تعطي لأبنائها درساً في الأمل ، والتفاؤل وكأنها تهمس برقة :" لاتقلقوا ..مهما طال الإنتظار ، فهناك امل في الخلاص " .
فلنترك الطبيب الشاعر ، ولنعرج قليلاً ، ونتوقف عند أول أفريقي من غرب القارة يتلقى تعليماً فرنسياً أكاديميا وهو الشاعر السنغالي :" ليوبولد سيدار سنجور " يقول سنجور :
أفرحي يا أماه ؟
فلن أبعث الريح الشرقية فوق هذه الصور
كما أبعثها فوق رمال الطرق
إنك لا تسمعيني حين أسمعك
مثل أم مشغولة البال تنسى أن تضغط
على زر البداية
لكني لن أمو آثار قدمي أبي .
رغم انشغال الأم عن ابنها ، ولكنه يبشرها بأنه على اطريق ابيه يسير وسيكمل مسيرة النضال .
وفي قصيدة أخرى لسنجور بعنوان " ليل السنين " كتبها بالفرنسية ، يناجي فيها امرأة ويصف لنا برومانسية المكان المحيط به ثم يعرج فجأة إلى وطنه وزنوجته فيطالب هذه المرأة أن تصغي إلى نبض دمه الأسود المتدفق إلى نبض أفريقيا الغائر ، إنه عاشق لوطنه المتغلغل في دمائه .. ومندمجا في صفائحه الدموية .
يقول سنجور :
أيتها المرأة ، ضعي يديك الباسمتين على جبيني .
يديك اللتين تتفوقان في النعومة على الفراء .
إن أشجار النخيل الشامخات تتمايل مع
نسيم الليل
يكاد حفيف سعفها لا يسمع
لا ، ولا ترنيمة الرضيع تسمع .
ونحن يهدهدنا الصمت المموسق .
أصغي إلى تغريدة ، أصغي إلى نبض دمنا القاتم .
أصغي .
إلى نبض أفريقيا الغائر في ضباب القرى
الضائعة .
ونختم رحلتنا بشاعر السودان " محمد المهدي مجذوب " الذي عشق امرأة زنجية ، ويصور لنا ما يراه في حياة هذه المرأة فيقول :
وبدت ستائر بيتها
وضاءة بين الظلال
ورجعت أفزع للكرى
كي أستريح إلى مراح
ونهضت أسمعه الملامة
وهو مشتعل الجراح
القبطان- عضو
- عدد المساهمات : 153
نقاط : 228
تاريخ التسجيل : 12/12/2008
مواضيع مماثلة
» عيد المرأة
» وصفة طبيعية لتطيل الشعر 6 سم في شهر !!!
» معجزة في جسد المرأة
» الى محبات الشعر بضع قصائد لنزار قباني
» ===////=== هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه ===////===
» وصفة طبيعية لتطيل الشعر 6 سم في شهر !!!
» معجزة في جسد المرأة
» الى محبات الشعر بضع قصائد لنزار قباني
» ===////=== هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه ===////===
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى